هو الإسلام العظيم الذي أعطى هذه المنزلة العالية للمرأة تكريما وحقوقا، وهو الذي يوجه بطريقة مباشرة وغير مباشرة في استقرار المجتمع ونمائه، فعظّم الحقوق وأمر بتقواه سبحانه. ومن ناحية أخرى، هناك ما ينبغي على أحدنا استشعاره في المعاملة، أن يعامِل كما يحب أن يعامَل، فإن اعتديت على حقوق الآخرين في موضوع العلاقات الزوجية مثلا، فاعلم أن لك بنتا أو أختا ربما يصيبها ما تفعله أنت مع الآخرين، فاحرص على الاستقامة والتقوى، حتى تسير الأمور في أحسن حال. يا لها من أمور لو تفكرنا فيها ما أجملها؛ أن يجعل الله لي مخرجا، ويرزقني من حيث لا أحتسب، وأن يجعل لي من أمري يسرا، وأن يكفّر سيئاتي ويعظم أجري. كلنا نتوق إليها، وهي مرتبطة بالتقوى، حيث مخافته تعالى من جهة، وحبه والأُنس به من جهة أخرى، شعور بمعية الله تغنيك عمن سواه، فاجعل ثقتك به قوية، وصلتك به شديدة.
ومن المعلوم أن للتقوى أثرًا كبيرا في حياة المؤمن، فهي مفتاح كل خير، وهي طريق إلى سعادة العبد في الدنيا والآخرة، يقول الله عز وجل في محكم آياته: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (الأعراف:96) ، وفي صحيح مسلم: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ». ، والمتأمل والمتدبر لآيات القرآن الكريم ، يتبين له أن حصاد التقوى كبير ، وثمراتها عظيمة ، ومن أهم ثمرات التقوى وفوائدها: أولا: سعة الرزق ، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق 2، 3. ، ثانيا: تحقق الطمأنينة والاستقرار ، قال الله تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) الاعراف (35) ، ثالثا: تيسير الأمور وانفراجها ، يقول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) الطلاق (4) ، ويقول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) الطلاق (2) ، رابعا: غفران الذنوب، ومضاعفة الأجر ، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) الطلاق (5).
ومع هذا الحشد من آيات التقوى، هناك نداءات وتوجيهات عجيبة مثل: "… وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا" (الآية 1)، و"… وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ…" (الآية 2)، و"… لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا" (الآية 7). إنها سورة الطلاق المخصصة لموضوع الطلاق، والتي أطلق عليها بعض العلماء اسم "النساء الصغرى"، لاختصاصها ببعض أحكام النساء؛ من العدة والإنفاق والسكنى. وفي آخرها يحذر الله تعالى من مصير بعض القرى التي عتت عن أمر ربها ورسله فذاقت العذاب. وفي آخر آية يُظهر الله تعالى بعض مظاهر قدرته، حيث خلق السماوات والأرض، وسعة قدرته وعلمه، فلا يعجزه شيء، ولا يخفى عليه شيء، سبحانه. أتساءل، لِمَ كل هذا الحشد في موضوع التقوى في سورة الطلاق؟ أما كان يكفي أن تفتتح بالأمر بتقواه سبحانه كما هو الشأن في بعض السور؟ والجواب أنه تعالى قصد ذلك مع هذا الموضوع بالذات؛ فلا بد من استحضار تقواه سبحانه. فالتقوى ضمانة لاستقرار المجتمعات، فضلا عن أهميتها في ارتقاء الإنسان نفسه مع ربه، فمخافته تعالى تدعوه في نفسه لتعظيم حقوقه تعالى، ومن ناحية أخرى تدعوه ليكون مستقيما، بعيدا عن الإضرار بغيره، وهو شعور راق حين يفكر أحدنا بغيره لا بمجرد نفسه، وتهمه أمور المجتمع لا مجرد حقوقه ومصالحه.
قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق 2-3] وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ [الطلاق 4] وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [الطلاق 5] 1 - رتب الله في هذه الآيات جزاء كثيراً على التقوى: أ- يجعل له مخرجاً. ب- يرزقه من حيث لا يحتسب. ت- يجعل له من أمره يسراً. ث- يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً، وهذا يدل على تعظيم قدر التقوى وأنها رأس الأمر كله وخلاصة دين رب العالمين، ووصيته لهم أجمعين. 2 - جعل الله سبحانه التوكل في هذه الآيات قرين التقوى وواسطة عقدها: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق: 3]، وهذا يدل على أن التوكل على الله يقي من السوء ويصرف الشر. 3 - وهذا الفصل والوعد حق من الله، لا يستبعد وقوعه، ولا يشك في تحققه لأن الأمر كله بيد الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: 3] 4 - فكما أن الوعد من الله كذلك التدبير تدبيره، والقضاء قضاءه، فالأسباب يهيئها الله والنتائج بيده، ولذلك قال الله تعالى: ﴿مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2]، قد يأتي الفرج من الضيق واليسر من العسر والغنى من الفقر.
اترك تعليقًا ضع تعليقك هنا... إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول: البريد الإلكتروني (مطلوب) (البريد الإلكتروني لن يتم نشره) الاسم (مطلوب) الموقع أنت تعلق بإستخدام حساب ( تسجيل خروج / تغيير) أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. إلغاء Connecting to%s أبلغني بالتعليقات الجديدة عبر البريد الإلكتروني. أعلمني بالمشاركات الجديدة عن طريق بريدي الإلكتروني
قال: ( أجلهن أن يضعن حملهن) المتوفى عنها والمطلقة ؟ قال: " نعم ". وكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن موسى بن داود ، عن ابن لهيعة به. ثم رواه عن أبي كريب أيضا ، عن مالك بن إسماعيل ، عن ابن عيينة ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق أنه حدث عن أبي بن كعب ، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن: ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) قال: " أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها " عبد الكريم هذا ضعيف ، ولم يدرك أبيا. وقوله: ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) أي: يسهل له أمره ، وييسره عليه ، ويجعل له فرجا قريبا ومخرجا عاجلا.